تكنولوجيا
التعليم والوسائل التعليمية: الحدود والتداخلات:
1.تكنولوجيا التعليم ليست اسما جديدا لمفهوم
الوسائل التعليمية, فالمصطلحان غير مترادفين, ولا يمكن أن يحل أحدهما محل الآخر.
2.جذور كل من المفهومين مختلفة, فجذور مفهوم
الوسائل التعليمية ترجع إلى القرن الخامس عشر, في حين أن جذور مفهوم تكنولوجيا
التعليم ترجع إلى بدايات القرن العشرين.
3.تكنولوجيا التعليم عملية فكرية عقلية تهتم
بالتطبيق المنهجي لنظريات التعلم والتعليم والاتصال ونتائج البحوث المرتبطة لتطوير
العملية التعليمية, في حين أن الوسائل باعتبارها أجهزة ومواد وأدوات فهي من
الأشياء المادية, وتأتي فاعليتها في إطار علاقتها بباقي مكونات مجال تكنولوجيا
التعليم.
4.تكنولوجيا
التعليم ميدان أكثر اتساعاً وشمولاً من ميدان الوسائل التعليمية, ويتسع مجال
تكنولوجيا التعليم ليشمل مجال الوسائل التعليمية. فالوسائل التعليمية (المجال
الأصغر) منظومة فرعية Sub-System
تنتمي إلى منظومة تكنولوجيا التعليم الكلية (المجال الأكبر), ولا يشير ذلك إلى أن
المفهومين غير مترابطين بل هما مترابطان في إطار منظومي كامل, وهذا ما يوضحه الشكل
التالي:
تكنولوجيا التعليم
|
الوسائل
التعليمية
|
شكل يوضح الوسائل التعليمية
كمنظومة فرعية داخل منظومة تكنولوجيا التعليم.
4-تكنولوجيا
المعلومات: Information Technology
أ) تكنولوجيا المعلومات:
ترجع تكنولوجيا
المعلومات في الأساس إلى الثورة الصناعية الثانية التي اعتمدت على التكنولوجيا
الكهرومغناطيسية Electromagnetic
المرتبطة بالتصوير, والترانزيستور, والدوائر المتكاملة Integrated Circuits, والرقائق الدقيقة Micro-chips التي تدخل في صناعة
الحاسبات, والألياف الضوئية Fiber-Optics,
والأقمار الصناعية Satellites
وقد شكلت هذه التكنولوجيات مجتمعة ما يطق عليه تكنولوجيا المعلومات, التي تتمثل في
عدة صناعات متقدمة منها:
-
صناعة الحاسبات: أجهزة ، وبرمجيات.
-
صناعة الاتصال: كابلات, وأقمار صناعية, وأجهزة
وبروتوكولات, وبرامج انبثق منها البث الإذاعي والتليفزيون... الخ.
-
صناعة الطباعة والنشر الخاصة بالمطبوعات, والجرائد,
والدوريات, والأقراص الضوئية المدمجة CD-ROMs
وارتبطت وتشابكت تكنولوجيا الحاسبات والاتصالات, مسهلة عملية نقل كميات ضخمة من كل
أنواع المعلومات, التي صارت متاحة لكل من المعلم والمتعلم في أي مكان وفي أي وقت؛
مما بزغ عنه بيئة التعلم المرن Flexible
Learning."
وقدمت تكنولوجيا
المعلومات الكثير إلى البشرية, فلم يعد يوجد مكان بعيد أو منعزل على سطح الكرة
الأرضية عن شبكات المعلومات والاتصالات, فأصبح العالم أجمع قرية صغيرة أو كما يقال
قرية إلكترونية. وأصبح العصر الذي نعيشه يطلق عليه مسميات كثيرة: عصر المعلومات,
عصر الانفجار المعلوماتي, عصر المعلوماتية.... الخ.
وتوجد عدة أشكال
لتكنولوجيا المعلومات تتمثل في: الاتصال بالأقمار الصناعية, والإرسال الإذاعي
والتلفزيوني الأرضي والفضائي, وشبكات التليفون الرقمية, وأجهزة الكمبيوتر متعددة
الوسائط, ومؤتمرات الفيديو التفاعلية, والأقراص المدمجة, وشبكات الكمبيوتر المحلية
والعالمية, والواقع الافتراضي, والمؤتمرات الكمبيوترية... الخ.
وتعرف منظمة
اليونسكو (1992) تكنولوجيا المعلومات بأنها: (تطبيق التكنولوجيا الإلكترونية مثل
الحواسيب والأقمار الصناعية... الخ للمساعدة في إنتاج وتخزين واستعادة المعلومات
الرقمية والتناظرية وتوزيعها).
وتكنولوجيا
المعلومات تعنى الحصول على المعلومات بصورها المختلفة: النصية, والمصورة,
والرقمية, ومعالجتها وتخزينها واستعادتها وتوظيفها عند اتخاذ القرارات, وتوزيعها
بواسطة أجهزة تعمل إلكترونيا.
وشهد القرن الحادي
والعشرين مرحلة جديدة من التغيرات في كثير من ميادين الحياة, ومن أبرزها تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات التي تولد عنها ما يطلق عليه الموجه الثالثة والتي أدت إلى
تغييرات جذرية في المعلومات والحاسبات والذكاء الاصطناعي.
ب): تكنولوجيا
المعلومات وتكنولوجيا التعليم: الحدود والتداخلات:
1.يعتبر مجال تكنولوجيا المعلومات أشمل وأعمل
من مجال تكنولوجيا التعليم ويعتبر الأخير جزءاً أو مكوناً من مكونات تكنولوجيا
المعلومات كما يوضحه الشكل التالي:
تكنولوجيا المعلومات
|
تكنولوجيا
التعليم
|
شكل
يوضح علاقة تكنولوجيا التعليم بتكنولوجيا المعلومات
2.إن
عملية الحصول على المعلومات ومعالجتها وتخزينها واسترجاعها ونشرها باستخدام
الأجهزة الإلكترونية كالكمبيوتر وأجهزة الاتصالات من بعد, هي ما يطلق عليه
تكنولوجيا المعلومات, وذلك يمثل جزءاً في المواقف التعليمية, وبالتالي يظهر
التداخل بين كلا المفهومين: تكنولوجيا التعليم, وتكنولوجيا المعلومات:
تكنولوجيا التعليم
|
تكنولوجيا
المعلومات
|
3.إن النظرة إلى تكنولوجيا التعليم
على أنها استخدام الأجهزة الحديثة داخل الصف الدراسي هي نظرة محدودة وقاصرة, لأن
تكنولوجيا التعليم لا تقتصر على استخدام الأجهزة الحديثة للحصول على المعلومات
وتخزينها واسترجاعها ونشرها – كما هو الحال في تكنولوجيا المعلومات – ولكنها تمتد
إلى العملية التعليمية بالكامل من تصميم وتنفيذ وتقويم لها, وبالتالي فإن استخدام
الأجهزة ليس إلا جزءاً أو مكوناً من مكونات منظومة تكنولوجيا التعليم.
رابعاً
: تطـور مفهوم تكنولوجـيا التعليم وأسسها النظـرية :
ولذلك فإنه من
الضروري إلقـاء الضـوء على مراحـل تطور مفهوم تكنولوجـيا التعليم عبر السنوات
الماضـية لنرى هل بدأت ملامح هذا المفهوم تتحدد وتتضح؟ أم مازال هناك تداخـل بيـنه
وبين مفهوم الوسـائل التعليمية ؟
وبداية ليس هناك
اتفـاق تام حول بداية تكنولوجـيا التعليم (Instructional Technology) فالبعض يرى أنها تعود إلى عصـر
علماء اليونان، والبعض يرى أنها تعود إلى بدايات القرن العشـرين، وإذا أخذنا
بالرأي الثاني نجد أن هذا المفهوم قد مر بالمراحـل التالية:
1.حركـة التعليم البصـري: (Visual Instruction)
أشـار فن عام
1967م إلى أن بدايـة التعليم البصـري كانت في العشـرينات من القرن العشـرين، وهذه
حركـة تعتبر بدايـة تكنولوجـيا التعليم وكـان مفهوم التعليم البصـري أو التعليم
القائم على حاسـة البصـر يعتمد على استخدام المواد البصـرية في التعليم بهدف
تحويـل المفـاهيم المجـردة إلى أشـياء
ملموسـة. وأكدت هذه الحركـة على أهمـية جعل الوسـائل البصـرية عنصراً من عناصر
المنهج، ولكن تم استخدام هذه الوسـائل كمعينات تدريـس / معينات بصـرية تعين المعلم
على أداء مهمته.
2.حركة التعليم السمـعي
البصري: (Audio
– Visual Instruction)
ومع تطـور العلوم تم الاهتمام بحـاسـة السمع ونتج عن ذلك
إضـافة عنصـر الصـوت إلى الأجهـزة والمواد
التعليمية فظـهرت الأفلام المتحـركة الناطـقة وشـرائط الفيديو، ومن هنا ظـهر مفهوم
التعليم السـمعي البصـري أو الوسـائل السمـعية البصـرية، وظـل الاهتمام بفكـرة
المحسـوسات أي التعلم باللمـس والحـس، ومن أوضـح الأمـثلة على ذلك مخروط الخبرة
الذي قدمـه Edgar Dale
في الخمسـينات 1954م.
3.مفهوم الاتصـال : ( communication concept)
شـهدت هذه المرحـلة تطـوراً كـبيراً في
مفـاهيم الاتصـال وتم إدخـالها في مجال التعليم؛ مما كان له الأثـر الكـبير في
إيضـاح الأسـس النظـرية لتكنولوجيا التعليم حيث يعتبر الاتصـال من أبرز الأسس
النظـرية لمجـال تكنولوجـيا التعليم.
ولقد استفـادت تكنولوجـيا التعليم من مجال
الاتصـال حيث أُدخـلت بعض المفـاهيم مثل : مفهوم العملية، ومفهوم النمـاذج.
والاتصـال عملية لها مكوناتها الأسـاسـية التي لا يمكـن الاستغنـاء عن أي منها
(مرسـل ، مسـتقبل، قـناة اتصال ، رسـالة)؛ فالرسالة على سـبيل المثـال في عملية الاتصال ليسـت من
الكمـاليات بل من أسـاسيات هذه العملية ولا يمكـن حذفها.
وتمشـياً مع هذا الاتجـاه ظـهر مسـمى جديد
وهو وسـائل الاتصـال/ وسـائل الاتصال التعليمية وتم اعتبـر عناصر عملية الاتصـال
مكونات في مجال تكنولوجيا التعليم.
4.بداية ظهور مفهوم النظم: (System Concept)
خلال الاهتمام بعملية الاتصال, بدأت ظهور المفاهيم
المبكرة للنظم في مجال تكنولوجيا التعليم والتي أكدت على أن الوسائل السمعية
البصرية ليست الوحيدة الأساسية في تكنولوجيا التعليم, بل من الضروري وجود نظم
تعليمية, إلا أن هذا الاتجاه قد ركز على المنتجات وليس العملية.
5.حركة العلوم السلوكية: (Behavioral Sciences)
كان للعلوم السلوكية تأثير على تكنولوجيا التعليم وبدا
ذلك واضحا بنظرية سكينر Skinner
للتعزيز الفوري وتطبيقاتها في التعليم المبرمج في بداية الستينات, فلقد أدت إلى
نمو الإطار النظري لتكنولوجيا التعليم والذي يتضح في:
أ-التحول
من التركيز على المثير المتمثل في الرسالة إلى التركيز على سلوك المتعلم.
ب-التحول
من استخدام الآلة أثناء التدريس إلى استخدامها في تعزيز سلوك المتعلم المرغوب فيه.
ج-تقويم
المتعلم بناءاً على ما يحققه من أهداف سلوكية.
6.تصميم التعليم: (Instructional Design)
مع استخدام الأجهزة السمعية البصرية في العملية
التعليمية مثل أجهزة الفيديو, كانت هناك الحاجة إلى إعداد برامج تعليمية
لاستخدامها مع هذه الأجهزة, فظهر ما يسمى بالمواد التعليمية التي تحمل وتخزن
المحتوى التعليمي كشرائط الفيديو والأفلام.
ومع تطور مبادئ التعليم المبرمج كنتيجة لظهور الفكر
السلوكي, ونظريات السيبرناتيقا, سميت عملية إعداد البرامج والمواد التعليمية باسم
تصميم التعليم (Instructional
Design), وهنا بدأ يتضح أن مجال تكنولوجيا التعليم أكثر شمولا واتساعا من
ميدان الوسائل التعليمية, حيث إن تكنولوجيا التعليم تتناول ميدان التصميم التعليمي
بأوسع معانيه, ويعتبر التصميم التعليمي محوراً رئيساً لمجال تكنولوجيا التعليم حيث
بدأ التصميم التعليمي بالاهتمام بتحديد السلوك المدخلي للمتعلم, وتحديد خصائص
المتعلمين, وتحديد الأهداف التعليمية, وتحليل المحتوى... الخ, وبدأ في تبنى مفاهيم
جديدة مثل إعداد برامج ومواد تعليمية لا تعتمد على استخدام أجهزة لعرضها.
7.مدخل النظم: (System Approach)
في بداية السبعينات, بدأ الاتجاه الحديث
لتعريف تكنولوجيا التعليم على أنها أسلوب منظم مما دعم مفهوم مدخل النظم, فأصبح
يُنظر إلى تكنولوجيا التعليم كأسلوب نظم في تصميم النظام التعليمي وتنفيذه وتقويمه
وتطويره بغرض تحسينه. فأصبح الاهتمام بكامل عناصر هذا النظام, وبدأت النظرة إلى
مدخل النظم من مفهوم العملية (Process)
بدلا من مفهوم المنتجات (products)
فتم التأكيد على أن تكنولوجيا التعليم عبارة عن عملية وليست أدوات ووسائل, وعلى
أهمية استخدام نظم تعليمية كاملة بينها علاقات تبادلية وتكاملية وتأثير وتأثر.
وبالتالي أصبحت النظرة إلى العملية التعليمية
بأنها منظومة: (منظومة العملية التعليمية) وكذلك إلى تكنولوجيا التعليم (منظومة
تكنولوجيا التعليم) وعرفت بأنها طريقة نظامية لتصميم وتنفيذ وتقويم العملية التعليمية
في ضوء أهداف محددة, وعلى أساس نتائج البحوث في علوم الاتصال والتعلم الإنساني,
وذلك باستخدام مجموعة متآلفة من المصادر البشرية وغير البشرية للوصول إلى تعليم
أكثر فاعلية.
8.التطوير التعليمي: (Instructional Development)
وفي بداية
السبعينات أيضا, ظهر مفهوم التطوير التعليمي الذي يؤكد على أهمية مفهوم مدخل النظم
فيما يتعلق بعمليات تصميم وتنفيذ وتقويم وتطوير عملية التعليم.
وختاما يتضح مما سبق أن تكنولوجيا التعليم استمدت
أصولها وأسسها النظرية من مجموعة من الحركات والنظريات والميادين التي أدت إلى
تشكيل الأطر النظرية لمنظومة تكنولوجيا التعليم.
ويمثل التصور الشامل لتكنولوجيا التعليم والذي
قدمته رابطة الاتصالات التربوية والتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية (AECT ) عام 1979.وينظر هذا
التصور إلى تكنولوجيا التعليم على أنها ثلاثة أجزاء رئيسة مترابطة ومتكاملة ولا
يمكن فصلها وهي:
أ- مجال ب-
عملية ج – مهنة
المراجع :
أنجلين ، جاري . (2004) . تكنولوجيا التعليم : الماضي و الحاضر و
المستقبل . ترجمة : الدباسي ، صالح و الصالح ، بدر . الرياض : جامعة الملك سعود :
النشر العلمي و المطابع .
غزاوي ، عبد الحكيم . (2007). ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺩﻴﺜﺔ
ﻓﻲ ﺘﺠﻭﻴﺩ ﺍﻟعملية ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ . ندوة علمية ﺠﺎﻤﻌﺔ ﺍﻟﺠﻨﺎﻥ ـ ﺼﻴﺩﺍ .
صفحة الدكتورة فائزة بنت محمد بن عبد الرحمن مغربي . بجامعة أم القرى
بمكة المكرمة . https://uqu.edu.sa/fmmaghrabi/ar/17719
التعلم عن طريق التكنولوجيا في تقدم
ردحذفمدرس جامعة في الكويت